فيما أكد الرئيس اللبناني ميشال عون حرص بلاده على معاودة التفاوض لترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، عبّر الإعلام العبري نوايا اسرائيل، بعدم سماحها لشركات التنقيب عن الغاز التي يتعاقد معها لبنان، ببدء التنقيب قبل حل الخلاف الحدودي وترسيم الحدود البحرية بين الطرفين، بحسب ما ذكرته صحيفة “الأخبار” اللبنانية في كانون الأول
ترى إسرائيل أن مشكلة لبنان تكمن في أن جمود المفاوضات حول ترسيم الحدود البحرية سيؤخر بدء عمليات التنقيب عن الغاز، وأن الشركات التي وقعت عقودًا مع لبنان لن تبدأ بالتنقيب دون تسوية الخلاف الحدودي، وهذا ما قرأته شركات التنقيب الثلاث المتعاقدة مع لبنان، وما اعتبره لبنان تهديدًا غير مباشر أيضًا
ويعود سبب النزاع الحدودي البحري بين الجانبين، اللبناني والإسرائيلي، إلى منطقة بحرية تمتد على مساحة 860 كيلومترًا مربعًا، وتعرف بـ”البلوك رقم 9“، وتحتوي ثروات غنية من الغاز والنفط
وكان لبنان أطلق، في كانون الثاني من عام 2016، أول جولة تراخيص للتنقيب فيه
وفي 14 من تشرين الأول الماضي، اجتمع الطرفان في مقر قوات الأمم المتحدة “يونيفيل” بمنطقة رأس الناقورة الحدودية، جنوبي لبنان، ضمن مفاوضات غير مباشرة ترعاها الأمم المتحدة، وجاءت بوساطة أمريكية بعد مباحثات أجراها وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، استمرت ثلاث سنوات
وفي الجلسة الثانية من المفاوضات، التي انعقدت في 28 و29 من تشرين الأول الماضي، رفع الجانب اللبناني سقف التفاوض مطالبًا بنحو 1460 كيلومترًا مربعًا من المياه الاقتصادية التي تصل إلى قرب حقل “كاريش” الإسرائيلي، الذي يحتوي كميات ضخمة من الغاز، بالإضافة إلى المنطقة المذكورة سابقًا
وفي 11 من تشرين الثاني الماضي، انعقدت الجلسة الثالثة، وأبدى فيها الجانب اللبناني تمسكه بموقفه، مستندًا إلى خرائط جغرافية، وقانون البحار الدولي، واتفاق “نيو كامب بوليه” المبرم في عام 1923، واتفاق الهدنة في عام 1949، كما أصرّ الجانب الإسرائيلي على أن المنطقة الإضافية ليست للتفاوض
وفي 30 من تشرين الثاني الماضي، ذكرت “الوكالة الوطنية للإعلام” أن المفاوضات بين الجانبين أُجّلت إلى أجل غير مسمى، دون الإفصاح عن سبب التأجيل في حين يعيش لبنان مخاض تشكيل حكومة لبنانية منتظرة
وفي لقاء مستجد أكد الرئيس اللبناني ميشال عون حرص بلاده على معاودة التفاوض لترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، في رسالة إيجابية قد تساعد في إنهاء ما أطلق عليه “حرب الخرائط” بين الدولتين والذي تسبب في وقف المحادثات، جاء ذلك خلال استقبال عون السفيرة الأمريكية في لبنان دوروثي شيا حيث أجرى معها جولة مباحثات تناولت التطورات الراهنة وسبل تطوير العلاقات اللبنانية الأمريكية بعد تسلم الرئيس الجديد جو بايدن مسؤولياته الرئاسية
وبحسب بيان للرئاسة اللبنانية، فإن عون أكد خلال اللقاء على حرص بلاده على استمرار علاقات الصداقة والتعاون مع الولايات المتحدة في إطار من التفاهم والاحترام المتبادلين والتمسك بالقيم المشتركة
وتم التطرق خلال الاجتماع، بحسب البيان إلى مسألة التفاوض لترسيم الحدود البحرية الجنوبية حيث أكد عون على موقف لبنان على معاودة اجتماعات التفاوض انطلاقا من الطروحات التي قدمت خلال الاجتماعات السابقة
في سياق متصل، أعلن وزير الطاقة اللبناني ريمون غجر أن ائتلاف الشركات الموقعة عقوداً مع لبنان للتنقيب عن النفط والغاز تواصل نشاطها البترولي في لبنان تحت قيادة المشغل شركة توتال.
وبعدما كانت معلومات قد أشارت إلى أن توتال أوقفت عملها، أوضح غجر في بيان له انه مع بداية عام 2021 تستمر جائحة كورونا بالرمي بثقلها على الصناعة البترولية، الأمر الذي اضطرت معه شركات البترول العالمية إلى تقليص أنشطة الاستكشاف في معظم البلدان حول العالم، ويعود ذلك إلى اضطرار الشركات إلى خفض موازناتها السنوية وإلى صعوبة العمل في المياه البحرية في ظل الإجراءات الوقائية المتخذة لتفادي الفيروس
وأكد الوزير أن ائتلاف الشركات المكون من توتال وإيني ونوفاتك، يواصل نشاطه البترولي في لبنان تحت قيادة المشغّل شركة توتال، ولا سيما أنه بفعل تطبيق القانون 2020-160 المعدل بتعليق المهل مددت مدة الاستكشاف الأولى في كل من الرقعتين 4 و9 في المياه البحرية اللبنانية إلى 13 آب عام 2022. وقام الائتلاف بتقديم برنامجي العمل والموازنة للرقعتين 4 و9 لعام 2021 واللذين يتضمنان القيام بدراسات وتحليل بيانات لاستكمال الأنشطة في الرقعة الرقم 4 التي تم حفر بئر استكشافية فيها، إنفاذاً للموجب الذي ينص عليه اتفاق الاستكشاف والإنتاج، ولحفر البئر الاستكشافية الأولى في الرقعة الرقم 9 التي يتوجب على الائتلاف حفرها قبل نهاية مدة الاستكشاف الأولى
بين حرب الخرائط – ترسيم الحدود – واعادة أعمال التنقيب من قبل ائتلاف الشركات والتهديدات الاسرائيلية يبقى السؤال الأبرز: هل سيشهد لبنان تقدّم جدّي في ملف استخراج النفط أم التأجيل سيكون سيّد الموقف بانتظار كلمة السر الأقليمية ؟